كانت العرب في بدايات العهد الإسلامي تكتشف و معها العالم تعاليم و تنظيمات جديدة جاءت بها الرسالة المحمدية للإنسانية جمعاء تسعى لتأطير الحياة و تأسيس القوانين المنظمة لمفهوم الدولة، و كانت للمعاملات التجارية نصيب وافر كون الاقتصاد في المنطقة كان يعتمد بالأساس على التجارة حيث كان العرب كثيري الترحال و اشتهروا بالقوافل التجارية التي جابت المنطقة بكاملها. و كانت المعاملات المالية مبنية على القيم الأخلاقية التي كان نبينا صلى الله عليه وسلم مضرب المثل فيها اضافة الى النصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة، و تلك كانت بدايات المالية الإسلامية التي ستعرف تطورا ملحوظا و اهتماما كبيرا في عهد الخلفاء الراشدين، ففي عهدهم تمحور الإقتصاد الإسلامي حول المالية العمومية أو مالية الدولة و ذلك بتنظيم الأصول النقدية و المداخيل الأخرى للدولة، فكانت حلا ناجعا للأزمات في كل وقت و حين.
و منذ ذلك الحين ومع الفتوحات الإسلامية و تحاقن الثقافة الإسلامية بثقافات الدول المحلية، عرفت المالية الإسلامية بعض الجمود، إلا أن الموضوع سيصبح ضرورة ملحة مع دخول البنوك التقليدية للعالم الإسلامي تزامنا مع المد الإستعماري أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، فمنذ ذلك التاريخ ستتعالى أصوات جمهور علماء الأمة برفض هذا النظام المالي الجديد المرتكز على الربا و المخالف لمعتقدات الأمة الإسلامية.
فكانت تلك هي بوادر ميلاد المالية الإسلامية المعاصرة، ستأتي بعدها مرحلة تمهيدية تمثلت في محاولات من عدد من العلماء والمفكرين المسلمين بالبحث عن البديل الإسلامي للتخلص من سيطرة البنوك التقليدية على الإقتصاد العالمي، وشهدت هذه المرحلة تنظيم مجموعة من المؤتمرات وذلك للفصل في حكم الربا في الإسلام ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر أسبوع الفقه الإسلامي في باريس سنة 1951 والمؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية في القاهرة سنة 1965.
تكللت جهود علماء ومفكرين في وضع نموذج نظري للبنك الإسلامي، وكانت لهذه الخطوة بصمة واضحة في التأسيس الفعلي للبنوك الإسلامية ولا تزال اسهمات السيد محمد عبد الله العربي والسيد عيسى عبده وجهاد الطويل قائمة إلى اليوم.